منطقة شالة الأثرية من بدائع مدينة الرباط التاريخية

 

تعتبر منطقة شالة الأثرية من بدائع مدينة الرباط التاريخية فهي تختزل بين أسوارها حقبا مختلفة من تاريخ المغرب، بدءا بالرومان ومرورا بعصري المرينيين والموحدين بعد اعتناق المغاربة للإسلام وانتهاء بالعصر الحديث.وبالإضافة إلى ثرائها التاريخي تعتبر شالة مزارا طبيعيا خلابا خاصة في فصل الربيع المزهر.

صفحات من التاريخ

بعد رحيل الرومان الذين تركوا آثارهم في المنطقة، ومنها حوض الحوريات، انتقلت شالة إلى العهد الإسلامي المغربي، حيث اتخذها المولى إدريس مستقرا له.

ثم تتابع عليها الزناتيون والمرابطون والمرينيون وصارت المدينة قلعة من قلاع الجهاد لموقعها الاستراتيجي، وباعتبارها منطلقا نحو الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط.

وتأسست شالة كما هي عليه اليوم في عصر المرينيين بالقرن الثالث عشر الميلادي، فعندما أسس يعقوب المنصور مدينة الرباط سنة 539 للهجرة، استسلمت شالة لسبات مؤقت حتى جاءها المرينيون.

وقد أعاد المرينيون لشالة مجدها ودورها، فبنوا فيها مدرسة ومسجدا رائعا بمئذنته الزرقاء الجميلة (مئذنة أبي الحسن المريني)، ومقبرة للملوك والشرفاء، ويعتبر قبر أبي الحسن بينها من أجمل مآثر شالة.

كما أن بها خلوة كان يعتزل فيها كثير من المثقفين والشعراء، والتي تغزل بها الأمير والشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب.

وقد اختار السلطان المريني الأول أبو يوسف يعقوب أن يبني على مقربة من بقايا مدينة سلا الرومانية مسجدا من طابقين، وزوده بمساكن لطلاب العلم، وعابري السبيل، ثم دفن فيه مع زوجته شمس الضحى التي انتقلت من المسيحية إلى الإسلام، وأربعة من خلفائه.

تعرضت شالة عام 1755 إلى زلزال دمر كثيرا من معالمها وبقيت على حالها لعدة عقود.

وشالة المصنفة ضمن الآثار الأكثر رومانسية في العالم، لم تجد بعد الاهتمام والعناية اللائقة بها، وتتعرض للإهمال والسرقات لوجودها بمكان قصي ومنفرد يحميها من الزحف العمراني لحي السويسي الراقي، وتشرف على تل يطل على نهر أبي رقراق المتدفق بين مدينتي سلا والرباط.

وقال الباحث في التاريخ والحضارة المغربية جمال بامي للجزيرة نت إن كلمة شالة أصلها من اللغة الأمازيغية ويعني الوفرة والكثرة، فقد بنيت في مكان يتوفر فيه كل شيء، ومن ثم فاسمها دال عليها.

وفي عهد الفينيقيين صار اسمها "شالا"، ثم أصبحت "سلا" في عهد الرومان، وهذا الاسم انتقل إلى مدينة سلا الحالية التي كانت تمثل ضواحي شالة.

ووصف بامي الإهمال الذي تعاني منه شالة بأنه شاهد على السياسة العامة لوزارة الثقافة، وعدم اهتمامها بهذا المعلم التاريخي بعد السرقات المتكررة التي تعرضت لها.

وطالب بامي بمراجعة السياسة الثقافية للمغرب برمتها، وعبر عن أسفه للسرقات التي تعرض لها قبر أبي الحسن، ووصف ذلك بأنه كارثة ثقافية وتاريخية وحضارية.

 




 

ليست هناك تعليقات